responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 626
سَاقَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ فَقَالَ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَذَكَرَهُ وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ لَا يَثْبُتُ، وَإِذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا فَهُوَ جَيِّدٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ: قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ أَيْ: بَيِّنَةٌ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً قَالَ: هَذَا الْقُرْآنُ. وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: بُرْهَانٌ: حُجَّةٌ. وَأَخْرَجَا أَيْضًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: وَاعْتَصَمُوا بِهِ قَالَ: الْقُرْآنُ.

[سورة النساء (4) : آية 176]
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْكَلَالَةِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْمُسْتَفْتِي الْمَقْصُودِ بِقَوْلِهِ:
يَسْتَفْتُونَكَ. قَوْلُهُ: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ أَيْ: إن هلك امْرُؤٌ هَلَكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ [1] . وقوله: لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ إما صفة ل: امرؤ، أَوْ حَالٌ، وَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ مِنْ كَوْنِهِ حَالًا، وَالْوَلَدُ:
يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَاقْتَصَرَ عَلَى عَدَمِ الْوَلَدِ هُنَا مَعَ أَنَّ عَدَمَ الوالد مُعْتَبَرٌ فِي الْكَلَالَةِ: اتِّكَالًا عَلَى ظُهُورِ ذَلِكَ قِيلَ: وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ هُنَا الِابْنُ، وَهُوَ أَحَدُ معنى الْمُشْتَرِكِ، لِأَنَّ الْبِنْتَ لَا تُسْقِطُ الْأُخْتَ. وَقَوْلُهُ: وَلَهُ أُخْتٌ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ. وَالْمُرَادُ بِالْأُخْتِ هَنَا: هِيَ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ، لَا لِأُمٍّ، فَإِنَّ فَرْضَهَا السُّدْسُ كَمَا ذُكِرَ سَابِقًا. وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ:
إِلَى أَنَّ الْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ عَصَبَةٌ لِلْبَنَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَخٌ. وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إلى أن الأخوات لا يعصبن البنات، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ وَطَائِفَةٌ، وَقَالُوا: إِنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِلْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبِنْتِ، وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ عَدَمَ الْوَلَدِ الْمُتَنَاوِلِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَيْدًا فِي مِيرَاثِ الْأُخْتِ، وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ لَوْ لَمْ يَرِدْ فِي السُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ مِيرَاثِ الْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ، وَهُوَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ مُعَاذًا قَضَى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِنْتٍ وَأُخْتٍ فَجَعَلَ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفَ. وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ: فَجَعَلَ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدْسَ، وَلِلْأُخْتِ الْبَاقِيَ» فَكَانَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ مُقْتَضِيَةً لِتَفْسِيرِ الْوَلَدِ بِالِابْنِ دُونَ الْبِنْتِ. قَوْلُهُ: وَهُوَ يَرِثُها أَيْ:
الْمَرْءُ يَرِثُهَا، أَيْ: يَرِثُ الْأُخْتَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ ذَكَرٌ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِإِرْثِهِ لَهَا: حِيَازَتَهُ لِجَمِيعِ مَا تَرَكَتْهُ، وَإِنْ كان المراد: ثبوت ميراثه لها فِي الْجُمْلَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، صَحَّ تَفْسِيرُ الْوَلَدِ بِمَا يَتَنَاوَلُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. وَاقْتَصَرَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ- مَعَ كَوْنِ الْأَبِ يُسْقِطُ الْأَخَ كَمَا يُسْقِطُهُ الْوَلَدُ الذَّكَرُ-: لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ حُقُوقِ الْأَخِ مَعَ الْوَلَدِ فَقَطْ هُنَا، وَأَمَّا سُقُوطُهُ مَعَ الْأَبِ فَقَدْ تَبَيَّنَ بِالسُّنَّةِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رجل ذكر» والأب أولى من الأخ

[1] النساء: 128.
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 626
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست